من دفتر مذكراتي
عصابة الكف الأسود
وألعاب الطفولة
صغارا كنا.. لم تكن وسائل الترفيه كثيرة يومها.. بل كانت بدائية.. حتى أفكارنا كانت تقليدية غير مبتكرة.. نقلد من سبقنا من أجيال.. ليس كيومنا هذا الألعاب فيه ميكانيكية وضخمة أو كهربائية.. أو الكترونية دقيقة..
لكنّا نسلي أنفسنا بألعاب جماعية نجتمع لها في الحي أو في حديقة التجارة التي كانت حديثة الإنشاء..
قد يصل عددنا إلى عشرة صبيان.. أو أقل.. وغالبا ما ننقسم إلى فريقين حسب اللعبة..
وبما أن روح العنفوان والتحدي والفروسية كانت سائدة والصراع مع العدو كان في أشده وتجييش العواطف يطغى على المجتمع حتى الطفولي (خليك رجّال قبضاي) فكثيرا ما كنا نلعب أبطال وحرمية.. فريق يمثل دور الخارجين على القانون وفريق يمثل الشرطة وتبدأ المطاردة ليتمكن الشرطة من إيجاد الحرمية والقبض عليهم.. وكنا نصنع أسلحتنا من الخشب.. أو نستعمل فرد(الفنين) أو فرد الماء..
هذه المرة أغوتنا مشاهد الهنود الحمر التي كانت تعرض على التلفاز ورعاة البقر مثل (بوننزا) فانقسمنا الى هنود حمر والشرطة ( كان مسلسل رنتنتان يعرض على التلفاز ورنتنتان هذا شرطي صغير يطارد مع كلبه وبقية الشرطة الهنود الحمر --الذين يعتبرهم خارجين على القانون-- بزعمهم)
اتفقنا على ارتداء قمصان سوداء (ما امكن) وأسمينا أنفسنا عصابة الكف الأسود واستعملنا الدهان لرسم كف أسود على بعض الجدران..
أما أسلحتنا فكانت القوس والنشاب (السهام) صناعة يدوية من غصن ملوي ومطاطة .. وسكاكين وسيوف خشبية.. وبلطة نصنعها من غطاء علبة تنك نطويه على شكل مثلث ونثبته على مقبض خشي ليشبه البلطة.. تبدأ المطاردة وهكذا يمضي نصف النهار ونحن نتنقل بين تلال التراب التي على جانبي حديقة التجارة قبل ان تبنى البنايات العالية حولها.. ونستسلم للتعب والعرق والغبار فنُنهي اللّعبة لا غالبا ولا مغلوبا..
وكثيرا ما تحولت المطاردة إلى هروب من وجه حارس الحديقة الذي ينهال علينا بالصراخ والتوبيخ لأننا ندوس على مرج الحشيش..
وقد قرر البعض أن يسبح في بحيرة الحديقة ناحية الجسر الشرقي منها.. وخلعوا ملابسهم وألقوا انفسهم في الماء وبينما نحن كذلك يهرع حارس الحديقة لمعاقبة السباحين.. ونهرب ونتركهم في الماء ليلاقوا مصيرهم.. لكن الحارس جمع ملابس هؤلاء واحتجزها.. واضطر أحدهم أن يعود إلى بيته بملابسه الداخلية عاري الصدر.. أما نحن (فأحطناه) من جميع الجاهات لنستره في الطريق إلى أن وصل إلى البيت..
ليحضر أهله ويسترجع ملابسه بعد الاعتذار من حارس الحديقة..
تلك كانت إحدى المغامرات التي لا تنسى وذكرى محفورة في الذاكرة
وهناك ألعاب جماعية ليس فيها صراع ومطارة سأذكرها بالاسم بشرح بسيط ولا أظنها تخفى على أبناء جيلنا ..
-- لعبة سبع حجار.. طبعا وكرة صغيرة
-- لعبة (بريه) أي مستعد ويجيب اللاعب الآخر (بريه) وادواتها عص طويلة (مضرب) وعود صغير مبري الطرفين يقذف بواسطة المضرب الى ابعد نقطة.
-- حولة مولة بالدولة أديش هدولة .. فريقين الأو ل يستند الى الحائط والثاني يقفز ليمتطي ظهور الفريق الأول
-- لعبة بيل يرسم حيّزا على الأرض يقف فيه اللاعبون وعلى لاعب الخصم لمس أحد اللاعبين والخروج من الحيّز دون ان يمسكوا به فإن امسكوه يخسر ويدخل لاعب جديد
-- لعبة باريز ترسم على الأرض تسع مربعات ضمن مربع كبير أو على شكل الطيارة ويقال لها (الزَحْطة مربعات و على اللاعب اجتيازها على رجل واحدة دون ان يدعس على الخط ويدفع الحجر بقدمه
-- لعبة الطميمة المعروفة
-- لعبة تماس تماس تمسينا
-- لعبة مَسّيكن بالخير يالعماري
-- لعبة دقة ولها أشكال اما عادية.. أو عالي واطي.. أو اسطوب .. أو جامد
-- لعبة طاق طاق طاقية
-- لعبة زويدو (طخي) القفز فوق الحواجز وتكون الحواجز من اللاعبين ومن يقفز (يطخي) أي يثني ظهره ليصبح حاجزا
-- لعبة صياد سمك.. طبعا السمك هم اللاعبون وأداة الصيد هي كرة صغير ترمى نحوهم ومن تصيبه يخرج من السباق..
-- لعبة الهيلاهوب وكانت خاصة بالإناث ولكن قد يلعبها الصبيان أيضا وهي اطار يدوّر على الخصر بحركات دائرية رياضية.. ولي معها ذكرى تركت أثرا على خدي..
-- لعبة شمس قمر نجوم غيوم وهي النط بالحبل الجماعية المعروفة.. أو بشكل فردي
-- وأيضا ألعاب رياضية بالكرات أو سباقات التتابع المعروفة بأشكالها ومضاميرها.. طبعا في الحارة وليس في ملعب..
وهناك بعض ألعاب الغرف التي تلعب بحالة الجلوس وهي تعتمد الذكاء وسرعة البديهة.. والحظ لأنها تعتمد سحب أوراق مغلقة فيها تنفيذ مهمة ما..
وألعاب ورق الشدة مثل ابو الفول وباصرة ومصاري وغيرها....
هذه بعض الألعاب الجماعية التي تذكرتها ولكل لعبة منها سن معين.. وطقوس خاصة وربما كان في أذهان الآخرين ألعاب أخرى نسيتها على مر الزمن..
تلك كانت حياة الطفولة البريئة.. والألفة بين أبناء الحي الذين يستيقظون باكرا ليجتمعوا على هذه الألعاب. وغالبا ما يصحب هذه الالعاب مناوشات حول الفوز..
بقلمي زهير شيخ تراب